كلمة رئيس النيابة العامة بمناسبة اجتماع لجنة القيادة لخطة حماية الأطفال من الاستغلال في التسول


1 فبراير 2021

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

السيدة وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة؛

حضرات السيدات والسادة؛

منذ حوالي أربعة عشر شهراً، في الرابع من دجنبر 2019، أُعْطِيت الانطلاقة لخطة العمل لحماية الأطفال من الاستغلال في التسول، بشراكة بين رئاسة النيابة العامة والوزارة المكلفة بالتضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، وبتنسيق وتعاون مع قطاعات أخرى رسمية ومَدَنية. وخلال هذه الفترة اشتغلت السلطات والقطاعات المعنية يداً في يد لمحاربة ظاهرة استغلال الأطفال في التسول بمدن الرباط وسلا وتمارة الصخيرات. مما جسَّد بالفعل شبكة متلاحمة من التعاون بين السلطتين القضائية والحكومية ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال حماية الطفولة.

ومن جانبها عملت النيابة العامة على تفعيل دورها القانوني في هذا المجال بتعاون وثيق ومتميز مع مصالح الشرطة القضائية لضبط الأشخاص الذين يستغلون الأطفال في التسول في تلك المدن. وساهمت بفعالية في معالجة تلك الحالات بتعاون وتنسيق مع شركائها في هذه الخطة. مستعملة في نفس الوقت صرامة الدعوى العمومية في مواجهة الجناة الذين يتاجرون بالأطفال ويستغلونهم استغلالاً مقيتاً في التسول، ومتابعتهم وتقديم الملتمسات المناسبة للمحاكم لمعاقبتهم عن أفعالهم. ودون التخلي عن الدور التربوي الحمائي للأطفال الضحايا، والعمل لفائدة مصلحتهم الفضلى باتخاذ الإجراءات المناسبة لذلك، وتقديم الطلبات الملائمة لوضعياتهم إلى قضاة الأحداث والهيئات القضائية المختصة، للحكم بالتدابير المناسبة لتلك الوضعيات. سواء تعلق الأمر بإرجاع الأطفال إلى وسطهم الأسري الطبيعي أو إيداعهم في مؤسسات الطفولة أو الحماية الاجتماعية التي وضعتها مصالح التعاون الوطني أو منظمات المجتمع المدني رهن الإشارة. وقد سَخَّرت النيابات العامة بتعاون مع المحاكم المختصة بالمنطقة لهذه الغاية، قضاة متخصصين، ومساعدات ومساعدين اجتماعيين مُؤْمِنين بدورهم الإنساني العظيم في حماية الطفولة. كما خصصت مصالح الأمن والدرك الملكي نُخبة من خيرة ضباط الشرطة القضائية لمعالجة هذه الظاهرة السيئة.

والجدير بالذكر أن التعاون بين مختلف السلطات والقطاعات المساهمة في الخطة، قد مكن من معالجة 142 قضية تهم استغلال الأطفال في التسول بمدن الرباط سلا تمارة. وعلى مستوى المعالجة القضائية فقد تم استصدار مقررات تناسب كل حالة، سواء تعلق الأمر بإرجاع الطفل إلى وسطه الأسري، أو إيداعه في مؤسسة للرعاية الاجتماعية إن تعذر الإرجاع للوسط الطبيعي. كما تم التحقق من هويات بعض الأطفال وتسجيلهم بسجلات الحالة المدنية للمساعدة على ولوجهم إلى المدارس. وذلك فضلاً عن التنسيق مع خلايا المساعدة الاجتماعية التابعة لمندوبية التعاون الوطني من أجل دعم بعض الأسر المحتاجة التي دفعتها الحاجة إلى استعمال أطفالها في التسول. كما تم تحريك الدعوى العمومية في حق مستغلي الأطفال في التسول، وقد صدرت بالفعل أحكام في العديد من القضايا.

السيدة الوزيرة؛

حضرات السيدات والسادة؛

إن اجتماعنا اليوم، بعد مرور 14 شهراً من العمل المشترك، الذي ساهمت فيه بفعالية وجِدٍّ، كل السلطات والمؤسسات الممثلة في اللجنة الحاضرة معنا اليوم، سيكون مناسبة لتقييم هذه التجربة الجادة والمتميزة، من أجل استغلال عناصرها الإيجابية والتصدي لإكراهاتها ومعيقات تنفيذ بعض محاورها خلال الفترة القادمة. كما أنه سيكون مناسبة لاتخاذ القرار المناسب بشأن تعميم تلك التجربة على كامل التراب الوطني، أو على أجزاء أخرى منه، وذلك رعياً للإمكانيات البشرية والمادية المتوفرة لتنفيذها. ونأمل أن تتوصل اللجنة إلى القرار المناسب، الذي من شأنه أن يوفر المصلحة الفضلى للطفولة ويخلي شوارع من مدننا من ظاهرة التسول بالأطفال.

وإذ أشكر كافة شركائنا في هذه اللجنة، ومختلف الفعاليات الرسمية والمدنية والأشخاص والأسر الذين انخرطوا فيها، وكذلك من سينخرطون في مراحلها المقبلة، فإنني أوجه الشكر بشكل خاص لقضاة النيابة العامة وقضاة الأحداث والمساعدين والمساعدات الاجتماعيات بكتابات الضبط والنيابة العامة بالمحاكم الابتدائية بالرباط وسلا وتمارة، وبمحكمة الاستئناف بالرباط. وكذا لضباط وأعوان الشرطة القضائية بهذه الدوائر، من أجل انخراطهم الإيجابي في هذه التجربة الرائدة، داعياً إياهم، وكذا كافة زملائهم في المدن التي ستطبق فيها هذه الإجراءات في المستقبل، إلى الإقبال عليها بنفس إنساني يراعي هشاشة الطفولة واحتياجها إلى الحماية .. فأطفالنا، كما يقول المثل العربي، “أكبادنا تمشي في الأرض، إذا جاعوا جعنا، وإذا عطشوا عطشنا، وإذا مرضوا سقمنا”. فأدعو كل المواطنين، والقضاة وكافة شركائنا في هذه الخطة، إلى منع الجوع والعطش عن الأطفال، ومداواة سقمهم الاجتماعي، وجعلهم قادرين على الاضطلاع بدورهم كمواطنين صالحين في مستقبل قريب تنتقل إليهم فيه مهمة مواصلة بناء مجد هذا الوطن.

 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.