السيد الداكي يؤكد على أهمية تمويل الدولة لتغدية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم


4 يوليوز 2022


قال الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، صباح اليوم الاثنين 04 يوليوز 2022  بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، إن تدارس موضوع تمويل الدولة لتغدية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والاحداث المحتفظ بهم من قبل كل الأطراف المعنية “سيمكن من رصد وتشخيص الصعوبات والإكراهات ذات الصلة واقتراح الحلول الكفيلة لتجاوزها، مما سيساهم إيجابا في تعزيز مجال الحقوق والحريات وتكريس القيم القومية لحقوق الإنسان في شقها المتعلق بفئة من المواطنين في نزاع مع القانون”.


وأبرز السيد الداكي أن “المملكة المغربية اتجهت منذ أمد بعيد، نحو إرساء قواعد قانونية تهدف إلى توفير حماية خاصة لحقوق وحريات الأفراد، ولازالت تعمل على تتميم منظومتها القانونية، مما يساعد على الرفع من الآليات التي تعززها”.


وقال السيد رئيس النيابة العامة، إن المشرع المغربي قد خص الأشخاص المحرومين من الحرية يتواجدون في فضاءات مغلقة بعناية خاصة، من خلال سن مجموعة من القواعد القانونية التي تتضمن مقتضيات تروم مراعاة حريتهم وحقوقهم وعدم المساس بها تحت أي ظرف إلا وفق الإجراءات والتدابير المنظمة بموجب القوانين الجاري بها العمل. وقد تجسد ذلك بوضوح من خلال دستور المملكة لسنة 2011، وكذا قانون المسطرة الجنائية النافذ حاليا.


وسجل السيد الداكي بارتياح كبير الانخراط الجاد والمسؤول لمصالح الشرطة القضائية على مختلف أصنافها في التفعيل الأمثل للمقتضيات القانونية التي تعنى بتنظيم الحقوق المكفولة للأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية، أو الأحداث المحتفظ بهم، ولقد كان ذلك ثمرة للمجهودات الجبارة التي تم القيام بها من طرف السيد المدير العام للأمن الوطني، مما جعل بلادنا تنال ثناء وإشادة من طرف العديد من الهيئات الدولية والإقليمية.


وأضاف السيد الداكي أنه في تناغم مع هذه المقتضيات القانونية، وتفعيلا للاختصاصات الموكولة للنيابة العامة، فقد ظل مبدأ التعاون والتنسيق قائمين مع مصالح الشرطة القضائية سواء مركزيا أو جهويا أو محليا، من خلال الإشراف والمواكبة لمهام الشرطة القضائية لاسيما ما يتعلق بتتبع ومراقبة الأماكن المخصصة للحراسة النظرية والاحتفاظ، وذلك بهدف العمل سويا وبصفة تكاملية على ضبط كل الآليات الممكنة التي تيسر أو تساهم في  تمتيع الخاضعين لهذه التدابير من الرشداء والأحداث بكافة الحقوق التي يكفلها لهم القانون، والتأكد من الظروف التي تتم فيها، سواء من حيث أنسنة أماكن الوضع تحت تدابير الحراسة النظرية أو الاحتفاظ، أو من حيث ظروف اعتقالهم أوتغذيتهم.


من جانبه أكد السيد محمد الدخيسي، المدير المركزي للشرطة القضائية، اليوم الإثنين بالقنيطرة، أن المديرية العامة للأمن الوطني بادرت إلى وضع مخطط عمل يرمي إلى تأهيل الأماكن التابعة للأمن الوطني التي يمكن أن يتواجد فيها الأشخاص المحرومين من الحرية بوجه عام.


وأوضح في كلمة بالمناسبة، أن من بين أهداف هذا المخطط، المدعم ببرنامج عمل للزيارات الميدانية وعمليات تفتيش وظيفية، توفير الشروط الموضوعية لأنسنة الأماكن المعدة لتنفيذ الحراسة النظرية والاحتفاظ بالأحداث.


وقال إن هذه العمليات “التي امتدت على مدى خمس سنوات، من 2016 إلى غاية أواخر 2021، انصبت على مراقبة احترام المعايير الدولية لمعاملة الأشخاص الخاضعين لأي شكل من أشكال الإيقاف وتدبير أماكن الاحتفاظ بهم، من خلال التأكد من مسك السجلات وغيرها من المواد التوثيقية والتجهيزات الخاصة بالتسجيل السمعي البصري لما يجري بالغرف والأماكن المذكورة من جميع الزوايا، إضافة إلى توفير الأغطية والولوج إلى الماء الصالح للشرب والتغذية الملائمة، دون إهمال التقيد الدقيق بتدابير الأمن والسلامة والنظافة الصحية وكذا إحداث وتعهد المرافق المطلوبة لاتصال الأشخاص المعنيين بمحاميهم أو اتصال هؤلاء الأخيرين بموكليهم الموضوعين تحت الحراسة النظرية”.


وأبرز السيد الدخيسي أنه “ومنذ النصف الثاني من سنة 2015، انضم قطب المديريتين العامتين للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني إلى باقي القطاعات الحكومية والإدارات العمومية المعنية بهدف تنسيق إجراءات تمويل تغذية الأشخاص المحرومين من الحرية والمحتفظ بهم، وفقا للقانون، وخاصة منهم الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم حماية لهم من قبل الإدارات والهيئات التي أناط بها القانون مهام الشرطة القضائية.


وأوضح، في نفس الصدد، أن الجهود المبذولة لهذا الغرض قد توجت باعتماد القانون رقم 89.18 الصادر في 11 مارس 2019 المحدث لآلية تمويل الدولة لنفقات التغذية لهذه الفئة، وفقا لمقتضيات المادتين 66 و 460 من قانون المسطرة الجنائية وكذا المرسوم رقم 2.22.222 بتاريخ 6 ماي 2020 المحدد بموجبه نظام هذه التغذية وكيفيات تقديم الوجبات الغذائية، والذي قضى بدخول القانون المذكور حيز التنفيذ في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية (أي في أجل أقصاه 19 نوفمبر 2022).


ولغرض التنزيل العملي لهذه المقتضيات القانونية والتنظيمية والعمل على أجرأتها بما يتلاءم وهيكلة مصالح الأمن الوطني، شدد السيد الدخيسي على أنه تم تشكيل لجنة بين – مديرية مكونة من ممثلي مختلف المديريات المركزية، بما في ذلك المفتشية العامة ومفتشية المصالح الصحية للأمن الوطني، انكبت علاوة على مواكبة إعداد مسودات مشاريع القوانين والنصوص التنظيمية الأولى، على تنسيق إجراءات التحضير لدخول المقتضيات القانونية والتنظيمية المذكورة حيز التنفيذ واقتراح ما يلزم في هذا الشأن من تدابير وإجراءات تنظيمية ومالية وتدبيرية.


كما أشار السيد الدخيسي إلى أنه تم التوصل، بعد مشاورات موسعة مع مختلف مصالح العمل الميداني للشرطة ومصالح التدبير الإداري واللوجستيكي للأمن الوطني، وبعد استطلاع رأي أطر وأخصائيي القطاعات الحكومية المعنية بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والتغذية الصحية والسلامة والنظافة الصحية، إلى جانب الهيئات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، إلى منهجية عمل لتنزيل آلية تمويل الدولة لتغذية الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والتي تم تضمينها في مستندين عمليين أولها، عبارة عن دليل عملي لإجراء عملية تغذية هذه الفئة، وثانيها في شكل دفتر تحملات مرجعي للبنود الخاصة بتوريد الأغذية الخاصة. ومواصلة للتشاور والدراسة واستطلاع مختلف الملاحظات والاقتراحات على أوسع نطاق ممكن، أكد السيد الدخيسي أنه تمت موافاة القيادات الأمنية اللاممركزة وكذا مصالح العمل الميداني للشرطة القضائية، بهذه الوثائق في وقت سابق من أجل الإدلاء بملاحظاتها واقتراحاتها في الموضوع، قبل الالتئام في هذا اللقاء رفيع المستوى، الذي سيعقبه يومان دراسيان يخصصان لتمحيص المقترحات السابقة والموافقة عليها، وعلى المذكرة التأطيرية، المرتقب رفعها إلى أنظار المدير العام للأمن الوطني، بغرض اعتمادها نهائيا، إذا اقتضى نظره ذلك.


من جهة أخرى، أبرز المدير المركزي للشرطة القضائية انخراط مصالح الأمن الوطني وتعبئة موارده وإمكانياته إلى جانب مختلف السلطات والهيئات الوطنية والمصالح الأمنية بمختلف تشكيلاتها، من أجل الرقي بمستوى الجهود المبذولة من قبل المملكة تحت القيادة السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، للرفع من مستوى أداء المصالح الأمنية، بما يضمن الدفاع عن المصالح العليا للبلاد وحماية حقوق الإنسان والنهوض بها في جميع المجالات.


 وأضاف أنه إلى جانب توفير الإمكانات والوسائل التقنية اللازمة للقيام بوظائفها وفق متطلبات النجاعة الأمنية في مختلف التخصصات التقنية وعلى مستوى العمل الميداني لمصالح الشرطة، وضعت المديرية ، ضمن مخططات عملها، جملة من التدابير الهيكلية والإجراءات التدبيرية التي تروم الرفع من مستوى الأداء المهني لمصالحها، من خلال وضع وتنفيذ فصول للتكوين والتكوين المستمر والتخصصي والانخراط في برامج وشراكات للتنسيق والتعاون مع القطاعات الحكومية والسلطات العمومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وكذا مع رئاسة النيابة العامة من أجل تجويد أبحاث ومساطر الشرطة القضائية وتحقيق النجاعة القضائية والحفاظ على الحقوق والحريات الأساسية للأطراف في مجال العدالة الجنائية.


ومن جهته، أبرز الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، السيد فوزي لقجع، أن “هذا اللقاء يندرج في إطار الاختيارات الجوهرية للمملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل إرساء دعائم الديمقراطية وتكريس دولة الحق والقانون وتوطيد أسس العدالة والأمن والكرامة في نطاق التلازم التام بين حقوق وواجبات المواطنة”. وأضاف: “إدراكا منها لأهمية الحفاظ على المكتسبات الدستورية والمؤسساتية في مجال حقوق الإنسان ووفاء منها بالتزاماتها في إطار المواثيق والاتفاقيات الدولية، فإن المملكة المغربية ما فتئت تولي عناية خاصة من أجل صون كرامة الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية والأحداث المحتفظ بهم عبر اعتماد مجموعة من النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة “.


 وبدورها، قالت السيدة أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تصريح للصحافة، “إن التدبير اليومي والإعمال الفعلي للمرسوم الخاص بآلية التغذية سي نهي الفعل التضامني والاجتماعي الذي يتجلى في تقديم التغذية للموضوعين تحت الحراسة من طرف الأسر أو بمبادرة من عدد من المسؤولين على مراكز الحرمان من الحرية”.


كما أكدت أن هذا المرسوم “هو تفعيل لتوصية الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب”، مشيرة إلى “أننا اليوم في مرحلة متقدمة فيما يخص حماية السلامة الجسدية للمحرومين من حريتهم بمراكز الاحتجاز وبمراكز الحرمان من الحرية”.


 وعرف افتتاح أشغال هذه الأيام الدراسية التي ستتواصل إلى غاية 06 يوليوز الجاري، حضور ممثلين عن كل من وزارات الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والعدل، والصحة والحماية الاجتماعية.


 ويشكل هذا اللقاء رفيع المستوى فرصة سانحة لتعبئة الموارد والجهود المبذولة لتنسيق أنشطة مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات الوطنية والهيئات الأمنية المعنية بتنفيذ هذا المشروع، ولدعم واستدامة هذه الجهود الرامية إلى تحقيق نقلة نوعية في سبيل الحماية والنهوض بالحقوق الفئوية للأشخاص المستفيدين.