كلمة السيد رئيس النيابة العامة بمناسبة اليوم الدراسي حول : “دور الخبرة الجينية في تنوير العدالة”


19 يونيو 2019

“ألقاها بالنيابة السيد أحمد الوالي العلمي رئيس قطب الدعوى العمومية وتتبع تنفيذ السياسة الجنائية”

بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين؛

السيد مدير معهد التحاليل الجينية للدرك الملكي؛

السادة الخبراء بمعهد التحاليل الجينية للدرك الملكي؛

السيدات والسادة قضاة النيابة العامة؛

أيها الحضور الكريم كل باسمه وصفته؛

إنه لمن دواعي الفخر والاعتزاز ان تنظم رئاسة النيابة العامة بتعاون مع “معهد التحاليل الجينية للدرك الملكي” هذا اليوم الدراسي حول موضوع بالغ الأهمية هو ” دور الخبرة الجينية في تنوير العدالة”، وبهذه المناسبة يطيب لنا التوجه بجزيل الشكر وخالص الامتنان للسيد مدير “معهد التحاليل الجينية للدرك الملكي”، البروفسور الكولونيل ماجور حميد العامري وجميع الأطر والخبراء العاملين معه على تفاعلهم الإيجابي مع دعوة النيابة العامة من أجل الاسهام بخبراتهم العلمية والعملية في مجال الخبرة الجينية، خاصة وأن المعهد عودنا دائما على مساعدة أجهزة العدالة بصفة عامة والعدالة الجنائية بصفة خاصة, والأكيد أن العروض التي سيقدمها الخبراء للسادة قضاة النيابة العامة ستشكل زادا مهما ومعينا لهم في أداء مهامهم وبناء وتعزيز قدراتهم في التعامل مع الخبرة الجينية.

كما أشكر جميع المشاركين من قضاة النيابة العامة على تلبيتهم لدعوة رئاسة النيابة العامة للمساهمة في أشغال هذا اليوم الدراسي متمنيا لهم التوفيق والسداد.

السيدات والسادة الأفاضل؛

لا يخفى عليكم الدور الأساسي الذي تقوم به أجهزة البحث الجنائي في كشف ألغاز الجرائم المرتكبة وتوفير وسائل الاثبات القانونية وتقديم مرتكبي الجرائم للمحاكمة طبقا للقانون، إلا أن تطور أساليب ارتكاب الأفعال الجرمية واجتهاد الجناة لأجل تفادي التوصل إلى هويتهم وإيقاع الجزاء القانوني بهم، أدى الى صعوبات كبيرة في ملاحقتهم، كما يمكن أن يؤدي إلى تبرئة العديد منهم بفعل غياب الإثبات الذي يعد من أبرز ركائز المحاكمة الجنائية العادلة.

ولعل ظهور أصناف جديدة من الجرائم في ظل الطفرة التكنولوجية والعلمية التي شملت كل مناحي الحياة، استلزمت وتستلزم التفكير في تطوير أساليب البحث الجنائي واعتماد الدليل العلمي، الذي يساهم حتما في تكوين قناعة القاضي الجنائي على أسس متينة تجعله مطمئنا الى الحكم الذي يصدره، ومقتنعا بنسبة الفعل الجرمي الى المتهم الماثل أمامه.

أيها الحضور الكريم؛

إن التكوين الذي يتلقاه القاضي ينحصر في الجوانب القانونية والاجتهادات القضائية المعمول بها، وليس مفترضا فيه أن يكون متخصصا في باقي العلوم والمجالات (الطب، الأسلحة، الميكانيك، الحرائق …)، وبالتالي فإن حاجته الى الاستعانة بالخبرة هي مسألة لا مناص منها لمساعدته على فهم ملابسات النوازل المعروضة عليه، ومن ثم التطبيق السليم للمقتضيات القانونية على هذه النوازل.

فالخبرة العلمية آلية أساسية لا يمكن الاستغناء عنها لبلوغ الحقيقة، لأنها توفر لنا الدليل العلمي واليقيني الذي يتم استغلاله في إصدار الحكم الجنائي الذي يغدو عنوانا للحقيقة.

وفي هذا الإطار يأتي تنظيم هذا اليوم الدراسي بشراكة مع “معهد التحاليل الجينية للدرك الملكي” حول موضوع بالغ الأهمية يتعلق بالخبرة الجينية ودورها في تنوير العدالة، ذلك أن التجربة الطويلة التي راكمها خبراء المعهد المذكور، وتمرس أطره على الجوانب التقنية والعلمية للخبرة الجينية أهله بشكل كبير لخدمة العدالة وتنوير طريق الحقيقة أمامها.

إلا أن ذلك لم يمنع من بروز نقاشات أو اجتهادات قضائية وآراء فقهية حول اعتماد الخبرة الجينية من عدمه، خاصة فيما يتعلق بقضايا إثبات ونفي النسب، وبعض أصناف الجرائم التي يتطلب القانون وسائل اثبات معينة بخصوصها كالخيانة الزوجية والفساد على سبيل المثال.

وبصرف النظر عن النقاش القانوني والفقهي الدائر بهذا الخصوص، فلا بد من الإقرار بكون الخبرة القضائية عموما، والخبرة الجينية على وجه الخصوص وسيلة فعالة لمساعدة العدالة وتنوير طريقها في درب كشف الحقيقة، وإصدار أحكام مؤسسة على أدلة علمية دامغة، تكرس الأمن القانوني وتوفر الأمن القضائي.

حضرات السيدات والسادة الأفاضل؛

أجدد ترحابي وشكري لكم على تلبية دعوة رئاسة النيابة العامة للمشاركة في أشغال هذا اليوم الدراسي، كما أجدد شكري للسيد مدير “معهد التحاليل الجينية للدرك الملكي” والأطر العاملة معه على حضورهم أشغال هذا اليوم الدراسي الهام رغم انشغالاتهم المهنية ومسؤولياتهم الجسيمة، وأطلب من السادة قضاة النيابة العامة المشاركين في هذا اليوم الدراسي بذل العناية والاهتمام اللازمين من أجل الاستفادة من مضامينها، والوقوف على تفاصيلها، ومن أجل الخروج بالخلاصات والتوصيات المناسبة وفتح نقاش بخصوصها مع باقي زملائهم بمختلف محاكم المملكة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.