كلمة السيد مولاي الحسن الداكي الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة بمناسبة اللقاء العلمي المنظم من طرف مؤسسة الوسيط حول موضوع: “تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام: الضمانات والصعوبات والرهانات” بمعهد التدريب الجمركي بمدينة بنسليمان يومي 26 و27 ماي 2021


26 مايو 2021


بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.


السيد الرئيس الأول لمحكمة النقض، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية المحترم؛


السيد وسيط المملكة المحترم؛


حضرات السيدات والسادة الحضور الكريم كل باسمه وصفته وما هو أهل له.


يطيب لي بمناسبة افتتاح أشغال هذا اللقاء العلمي الأول الذي تنظمه مؤسسة وسيط المملكة للتعاون والشراكة  بين مؤسسة وسيط المملكة ورئاسة النيابة العامة حول موضوع: “تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام” الضمانات والصعوبات والرهانات” أن أعرب عن مشاعر الفخر والاعتزاز بمشاركة رئاسة النيابة العامة في هذه التظاهرة العلمية الرائدة التي ما أحوجنا إلى أمثالها حتى نكسر معاً مختلف المعيقات التي تحول دون تنفيذ الأحكام القضائية أيا كانت الجهة الصادرة لفائدتها .والحالة هاته، فإن الشكر واجب لكل من فكر وأعد ونظم وساهم في هذا الملتقى العلمي الجاد الذي يطرح للنقاش موضوعا يسائل الساهرين على حماية حقوق الدولة وعن مدى حرصهم على ذلك والذي هو ذا راهنية  كبرى وهي تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام وأخص بالذكر مؤسسة وسيط المملكة في  شخص الفاضل المحترم الاستاذ محمد بنعليلو وأطره الأجلاء الذي ما فتى يطور آليات اشتغال المؤسسة.


وليس بعزيز على مؤسسة وسيط المملكة أن تكون وراء هذه المبادرة الهامة وهي حاملة لواء الدفاع عن الحقوق، والإسهام في ترسيخ سيادة القانون وإشاعة مبادئ العدل والإنصاف، والعمل على نشر قيم التخليق والشفافية في تدبير المرافق العمومية، من خلال تدبير عقلاني للعلاقة بين الإدارة والمرتفقين، كما أنها راكمت تجربة فريدة في إشاعة الانصاف في إطار وساطة عصرية ومبتكرة تدخل في أولويات المؤسسة التي تظل مهمتها الدفاع عن حقوق المواطنين والمساهمة في ترسيخ دولة الحق والقانون، في احترام تام لاستقلال السلطة القضائية.

حضرات السيدات والسادة؛


إن اختيار موضوع تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام كمحور لهذا اللقاء، ينسجم لا محالة مع السياسة العامة لمؤسسة الوسيط التي تصبو إلى خلق نوع من التوازن بين الإدارة والمترفقين، فأصبح الاهتمام مسلطا ليس فقط على إشكالية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الدولة وأشخاص القانون العام بل أيضا تلك الأحكام الصادرة لفائدتها.


ومما لا شك فيه أن الأشخاص العامة عندما تتقاضى سواء أمام المحاكم العادية أو المحاكم المختصة فهي تكون على نفس الدرجة وليس لها أي امتياز أو أفضلية أمام القضاء، وهذا من حسنات قضائنا الشامخ المستقل، وبذلك فإن الأحكام الصادرة لفائدة الدولة هي بدورها صادرة باسم جلالة الملك وطبقا للقانون، وهي أولى بالتطبيق لأنها صادرة لفائدة الدولة التي تمثل المصلحة العامة رغم أن الملاحظ أن كل المناشير الصادرة عن رئاسة الحكومة في موضوع تنفيذ الأحكام القضائية تتعلق بتلك الصادرة ضد أشخاص القانون العام دون تلك الصادرة لفائدتها، وهذا ما يعطي لهذا اللقاء العلمي أهميته الكبرى وراهينته الملحة، فشكرا لمؤسسة الوسيط على حسن اختيار الموضوع.


وتبقى النيابة العامة باعتبارها تنفذ السياسة الجنائية، وتسهر على تنفيذ الأحكام الزجرية، معنية بدورها بهذا الموضوع لا من حيث المساهمة في تحقيق فعالية العدالة الجنائية وصون هيبة المقررات القضائية وتحقيق الردع المتوخى من العقوبة، ولا من حيث السهر على الشرعية وحماية الحقوق الأساسية وعلى رأسها الحق في الولوج إلى العدالة والحصول على أحكام منصفة وتنفيذها.


ومن أجل تحقيق هذه الغايات تم توجيه مجموعة من الدوريات إلى النيابات العامة في الموضوع من أجل تفعيل إجراءات الحجز والمصادرة وتصفية المحجوزات وإتلاف ما يوجب القانون إتلافه ومصادرة ما تحكم المحاكم بمصادرته لفائدة الدولة، فضلا عن مراعاة حقوق الغير حسن النية خاصة عندما يتعلق الأمر بوسائل النقل.
وتبقى النيابة العامة من الأعضاء الفاعلين في اللجان الجهوية مشكلة على مستوى الدوائر الاستئنافية لتنفيذ الأحكام الصادرة لفائدة الدولة، من خلال إعداد قوائم القرارات القضائية القابلة للتنفيذ وتتبع عملية تنفيذها وتقاسم الصعوبات والإشكالات التي تواجهها بهذا الشأن مع باقي المؤسسات والهيئات المعنية بهذا الموضوع.


وفي الختام، أرجو لكم مزيدا من التوفيق وأتمنى أن يكلل هذا اللقاء العلمي بالنجاح، وأن يسفر عن أفكار وتوصيات مفيدة من شأنها أن تساعد على حل الإشكالات التي يطرحها موضوع تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لفائدة الدولة وأشخاص القانون العام.


حفظ الله مولانا الإمام جلالة الملك محمد السادس دام عزه ونصره وأقر عينه بولي عهده الأمير الجليل مولاي الحسن والأميرة لالة خديجة وشد أزره بصنوه الرشيد الأمير مولاي رشيد وكافة أسرته الشريفة، إنه سميع الدعاء وبالإجابة جدير.


والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.